النصيحة فنون وآداب
صفحة 1 من اصل 1
النصيحة فنون وآداب
النصيحة فنون وآداب [/color][/size]
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
قال الخطابي: "النصيحة: كلمة يُعبَّر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له... وأصل النصح في اللغة: الخلوص، يُقال: نصحت العسل إذا خلصته من الشمع"، ويقال: إن هذه الكلمة "النصيحة" من وجيز الأسماء ومختصر الكلام؛ فإنه ليس في كلام العرب كلمة مفردة يُستوفى بها العبارة عن معنى هذه الكلمة حتى يضم إليها شيء آخر، ويقال: إن أصل النصيحة مأخوذ من قولهم: نصح الرجل ثوبه، إذا خاطه، والنصاح: الخيط، شبهوا فعل الناصح فيما يتحراه من إصلاح المنصوح له بفعل الخياط فيما يسده من خلل الثوب ويجمعه من الصلاح فيه.
وجماع النصيحة لعامة المسلمين: تعليمهم ما يجهلونه من أمر الدين، وإرشادهم إلى مصالحهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، والشفقة عليهم، وتوقير كبيرهم، والترحم على صغيرهم، وتخولهم بالموعظة الحسنة.
فدليل محبتك لإخوانك المسلمين، وعلامة رأفتك ورحمتك بهم أن تقوم بمناصحتهم، ووصيتهم بالحق؛ لما في ذلك من ربح، يقول الله -تعالى-: (وَالْعَصْرِ . إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر).
ولأهمية هذه الصورة في الإسلام جعلها المصطفى -صلى الله عليه وسلم- الدين كله؛ فقال: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ) قُال الصحابة: "لِمَنْ؟"، قَالَ: (لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ) (رواه مسلم)، والنصيحة شعار المؤمنين، وهي واجبة عند أهل العلم.
إن النصيحة الصادقة تصدر من قلب محب مشفق رحيم بالمؤمنين، وهذا هو الوصف الذي كان يتحلى به رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة:128)، والرحمة فيما بين المسلمين خلق يتواصى به المؤمنون: (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) (البلد:17).
يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "والنصيحة إحسان إلى من تنصحه بصورة الرحمة له، والشفقة عليه، والغيرة له؛ وعليه فهو إحسان محض يصدر عن رحمة ورأفة، مراد الناصح بها وجه الله ورضاه، والإحسان إلى خلقه".
فهي دعوة إلى إصلاح يجب أن يتمحض فيها الإخلاص لله -سبحانه وتعالى-، مع المحافظة على مشاعر المنصوح على نحو ما سبق؛ لئلا ينقلب النصح مخاصمة وجدالاً، وشرًّا أو نزاعًا.
قال ابن حبان: "الواجب على العاقل لزوم النصيحة للمسلمين كافة... إذ المصطفى -صلى الله عليه وسلم- كان يشترط على من بايعه من أصحابه النصح لكل مسلم".
[size=6][b][font=arial]خير الإخوان أشدهم مبالغة في النصيحة؛ يقول ابن رجب -رحمه الله-: "ومن أنواع النصح لعامة المسلمين: دفع الأذى والمكروه عنهم، وإيثار فقيرهم، وتعليم جاهلهم، ورد مّنْ زاغ منهم عن الحق في قول أو عمل بالتلطف في ردهم إلى الحق، والرفق بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ محبةً لإزالة فسادهم، ولو بحصول ضرر له في دنياه؛ كما قال بعض السلف: "وددت أن الخَلق كلهم أطاعوا الله وأن لحمي قرض بالمقاريض". وقال آخر: "وددت أن الله -تعالى- يُطاع وأني عبد مملوك".
وكان عمر بن عبد العزيز يقول: "يا ليتني عملت فيكم بكتاب الله وعملتم به، فكلما عملتُ فيكم بسنة وقع مني عضو حتى يكون آخر شيء منها خروج نفسي".
وقال بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده إن شئتم لأقسمن لكم بالله إن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده، ويحببون عباد الله إلى الله، ويسعون في الأرض بالنصيحة".
وسُئل ابن المبارك: "أي الأعمال أفضل؟" قال: "النصح لله". انتهى بتصرف واختصار.
إن من خصائص النصيحة أنها شعار للمؤمنين، وهي مظهر من مظاهر الحكمة في الدعوة، وهي إحسان إلى الخلق، ودعوة إصلاح وتقويم إلى الصراط المستقيم، ودليل محبة، وعلامة رأفة ورحمة للمسلمين.
والنصيحة يصاحبها أهداف سامية جدًّا بالغة السمو ؛ فمن أهدافها تحقيق معاني الأخوة بين المسلم وأخيه، وبين الداعي والمدعو.
وأيضًا من أهدافها: المشي بالدعوة مع المدعو في مسارها الصحيح بالتعديل والتوجيه والنصح.
ومن وسائل النصيحة: الموعظة البليغة، والكتاب والشريط، وكذلك الكتابة إليه في رسالة بأسلوب مهذب وراقٍ، وعرض الخطأ عليه من باب الاستشارة، وذكر أدلة هذا الخطأ دون المساس به كمرتكب لهذا الخطأ -طريق غير مباشر-، إلى غير ذلك من الوسائل.
]وعلى الناصح أن يكون عالمًا بالحكم الشرعي لما يأمر به وينهى عنه، عاملاً بما ينصح به الناس ،مطبِّقـًا له على نفسه، متحريًا الطريقة المناسبة عند النصح
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
قال الخطابي: "النصيحة: كلمة يُعبَّر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له... وأصل النصح في اللغة: الخلوص، يُقال: نصحت العسل إذا خلصته من الشمع"، ويقال: إن هذه الكلمة "النصيحة" من وجيز الأسماء ومختصر الكلام؛ فإنه ليس في كلام العرب كلمة مفردة يُستوفى بها العبارة عن معنى هذه الكلمة حتى يضم إليها شيء آخر، ويقال: إن أصل النصيحة مأخوذ من قولهم: نصح الرجل ثوبه، إذا خاطه، والنصاح: الخيط، شبهوا فعل الناصح فيما يتحراه من إصلاح المنصوح له بفعل الخياط فيما يسده من خلل الثوب ويجمعه من الصلاح فيه.
وجماع النصيحة لعامة المسلمين: تعليمهم ما يجهلونه من أمر الدين، وإرشادهم إلى مصالحهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، والشفقة عليهم، وتوقير كبيرهم، والترحم على صغيرهم، وتخولهم بالموعظة الحسنة.
فدليل محبتك لإخوانك المسلمين، وعلامة رأفتك ورحمتك بهم أن تقوم بمناصحتهم، ووصيتهم بالحق؛ لما في ذلك من ربح، يقول الله -تعالى-: (وَالْعَصْرِ . إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر).
ولأهمية هذه الصورة في الإسلام جعلها المصطفى -صلى الله عليه وسلم- الدين كله؛ فقال: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ) قُال الصحابة: "لِمَنْ؟"، قَالَ: (لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ) (رواه مسلم)، والنصيحة شعار المؤمنين، وهي واجبة عند أهل العلم.
إن النصيحة الصادقة تصدر من قلب محب مشفق رحيم بالمؤمنين، وهذا هو الوصف الذي كان يتحلى به رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة:128)، والرحمة فيما بين المسلمين خلق يتواصى به المؤمنون: (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) (البلد:17).
يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "والنصيحة إحسان إلى من تنصحه بصورة الرحمة له، والشفقة عليه، والغيرة له؛ وعليه فهو إحسان محض يصدر عن رحمة ورأفة، مراد الناصح بها وجه الله ورضاه، والإحسان إلى خلقه".
فهي دعوة إلى إصلاح يجب أن يتمحض فيها الإخلاص لله -سبحانه وتعالى-، مع المحافظة على مشاعر المنصوح على نحو ما سبق؛ لئلا ينقلب النصح مخاصمة وجدالاً، وشرًّا أو نزاعًا.
قال ابن حبان: "الواجب على العاقل لزوم النصيحة للمسلمين كافة... إذ المصطفى -صلى الله عليه وسلم- كان يشترط على من بايعه من أصحابه النصح لكل مسلم".
[size=6][b][font=arial]خير الإخوان أشدهم مبالغة في النصيحة؛ يقول ابن رجب -رحمه الله-: "ومن أنواع النصح لعامة المسلمين: دفع الأذى والمكروه عنهم، وإيثار فقيرهم، وتعليم جاهلهم، ورد مّنْ زاغ منهم عن الحق في قول أو عمل بالتلطف في ردهم إلى الحق، والرفق بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ محبةً لإزالة فسادهم، ولو بحصول ضرر له في دنياه؛ كما قال بعض السلف: "وددت أن الخَلق كلهم أطاعوا الله وأن لحمي قرض بالمقاريض". وقال آخر: "وددت أن الله -تعالى- يُطاع وأني عبد مملوك".
وكان عمر بن عبد العزيز يقول: "يا ليتني عملت فيكم بكتاب الله وعملتم به، فكلما عملتُ فيكم بسنة وقع مني عضو حتى يكون آخر شيء منها خروج نفسي".
وقال بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده إن شئتم لأقسمن لكم بالله إن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون الله إلى عباده، ويحببون عباد الله إلى الله، ويسعون في الأرض بالنصيحة".
وسُئل ابن المبارك: "أي الأعمال أفضل؟" قال: "النصح لله". انتهى بتصرف واختصار.
إن من خصائص النصيحة أنها شعار للمؤمنين، وهي مظهر من مظاهر الحكمة في الدعوة، وهي إحسان إلى الخلق، ودعوة إصلاح وتقويم إلى الصراط المستقيم، ودليل محبة، وعلامة رأفة ورحمة للمسلمين.
والنصيحة يصاحبها أهداف سامية جدًّا بالغة السمو ؛ فمن أهدافها تحقيق معاني الأخوة بين المسلم وأخيه، وبين الداعي والمدعو.
وأيضًا من أهدافها: المشي بالدعوة مع المدعو في مسارها الصحيح بالتعديل والتوجيه والنصح.
ومن وسائل النصيحة: الموعظة البليغة، والكتاب والشريط، وكذلك الكتابة إليه في رسالة بأسلوب مهذب وراقٍ، وعرض الخطأ عليه من باب الاستشارة، وذكر أدلة هذا الخطأ دون المساس به كمرتكب لهذا الخطأ -طريق غير مباشر-، إلى غير ذلك من الوسائل.
]وعلى الناصح أن يكون عالمًا بالحكم الشرعي لما يأمر به وينهى عنه، عاملاً بما ينصح به الناس ،مطبِّقـًا له على نفسه، متحريًا الطريقة المناسبة عند النصح
abou khaled- عدد المساهمات : 1602
تاريخ التسجيل : 28/10/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى