في ظلال قوله تعالى
صفحة 1 من اصل 1
في ظلال قوله تعالى
في ظلال قوله تعالى
في ظلال قوله تعالى(حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا..) لقطب(41).
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِين) َ110
إنها صورة رهيبة , ترسم مبلغ الشدة والكرب والضيق في حياة الرسل , وهم يواجهون الكفرو العمى والإصرار والجحود .
وتمر الأيام وهم يدعون فلا يستجيب لهم إلا قليل ,
وتكر الأعوام والباطل في قوته , وكثرة أهله ,
والمؤمنون في عدتهم القليلة وقوتهم الضئيلة .
إنها ساعات حرجة ,
والباطل ينتفش ويطغى ويبطش ويغدر .
والرسل ينتظرون الوعد فلا يتحقق لهم في هذه الأرض .
فتهجس في خواطرهم الهواجس . .
تراهم كذبوا ؟
ترى نفوسهم كذبتهم في رجاء النصر في هذه الحياة الدنيا ؟
وما يقف الرسول هذا الموقف إلا وقد بلغ الكرب والحرج والضيق فوق ما يطيقه بشر .
وما قرأت هذه الآية والآية الأخرى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ؟ . . .)
ما قرأت هذه الآية أو تلك إلا وشعرت بقشعريرة من تصور الهول الذي يبلغ بالرسول هذا المبلغ ,
ومن تصور الهول الكامن في هذه الهواجس ,
والكرب المزلزل الذي يرج نفس الرسول هذه الرجة ,
وحالته النفسية في مثل هذه اللحظات , وما يحس به من ألم لا يطاق .
في هذه اللحظة التي يستحكم فيها الكرب ,
ويأخذ فيها الضيق بمخانق الرسل ,
ولاتبقى ذرة من الطاقة المدخرة . .
في هذه اللحظة يجيء النصر كاملا حاسما فاصلا:
(جاءهم نصرنا , فنجي من نشاء , ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين). .
تلك سنة الله في الدعوات .
لا بد من الشدائد ,
ولا بد من الكروب ,
حتى لا تبقى بقية من جهد ولا بقية من طاقة .
ثم يجيء النصر
بعد اليأس من كل أسبابه الظاهرة التي يتعلق بها الناس .
يجيء النصر من عند الله ,
فينجو الذين يستحقون النجاة ,
ينجون من الهلاك الذي يأخذ المكذبين ,
وينجون من البطش والعسف الذي يسلطه عليهم المتجبرون .
ويحل بأس الله بالمجرمين ,
مدمرا ماحقا لا يقفون له ,
ولا يصده عنهم ولي ولا نصير .
ذلك كي لا يكون النصر رخيصا فتكون الدعوات هزلا .
فلو كان النصر رخيصا لقام في كل يوم دعي بدعوة لا تكلفه شيئا . أو تكلفه القليل .
ودعوات الحق لا يجوز أن تكون عبثا ولا لعبا .
فإنما هي قواعد للحياة البشرية ومناهج ,
ينبغي صيانتها وحراستها من الأدعياء .
والأدعياء لا يحتملون تكاليف الدعوة ,
لذلك يشفقون أن يدعوها ,
فإذا ادعوهاعجزوا عن حملها وطرحوها ,
وتبين الحق من الباطل على محك الشدائد التي لا يصمد لها إلا الواثقون الصادقون ;
الذين لا يتخلون عن دعوة الله ,
ولو ظنوا أن النصر لا يجيئهم في هذه الحياة !
إن الدعوة إلى الله ليست تجارة قصيرة الأجل ;
إما أن تربح ربحا معينا محددا في هذه الأرض ,
وإما أن يتخلى عنها أصحابها إلى تجارة أخرى أقرب ربحا وأيسر حصيلة !
والذي ينهض بالدعوة إلى الله في المجتمعات الجاهلية
- والمجتمعات الجاهلية هي التيتدينلغير الله بالطاعة والاتباع في أي زمان أو مكان -
يجب أن يوطن نفسه على أنه لا يقوم برحلة مريحة ,
ولا يقوم بتجارة مادية قريبة الأجل !
إنما ينبغي له أن يستيقن أنه يواجه طواغيت يملكون القوة والمال
ويملكون استخفاف الجماهير حتى ترى الأسود أبيض والأبيض أسود !
ويملكون تأليب هذه الجماهير ذاتها على أصحاب الدعوة إلى الله ,
باستثارة شهواتها وتهديدها بأن أصحاب الدعوة إلى الله يريدون حرمانها من هذه الشهوات ! . .
ويجب أن يستيقنوا أن الدعوة إلى الله كثيرة التكاليف ,
وأن الانضمام إليها في وجه المقاومة الجاهلية كثير التكاليف أيضا .
وأنه من ثم لا تنضم إليها -في أول الأمر - الجماهير المستضعفة ,
إنما تنضم إليها الصفوة المختارة في الجيل كله ,
التي تؤثر حقيقة هذا الدين على الراحة والسلامة ,
وعلى كل متاع هذه الحياة الدنيا .
وأن عدد هذه الصفوة يكون دائما قليلا جدا .
ولكن الله يفتح بينهم وبين قومهم بالحق ,
بعد جهاد يطول أو يقصر .
وعندئذ فقط تدخل الجماهير في دين الله أفواجا .
انتهى من الظلال.
رحم الله صاحب الظلال رحمة واسعة.
(إن أفكارنا وكلماتنا تظل جثثا هامدة ، حتى إذا متنا في سبيلها أو غذيناها بالدماء انتفضت حية وعاشت بين الأحياء) صاحب الظلال.
في ظلال قوله تعالى(حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا..) لقطب(41).
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِين) َ110
إنها صورة رهيبة , ترسم مبلغ الشدة والكرب والضيق في حياة الرسل , وهم يواجهون الكفرو العمى والإصرار والجحود .
وتمر الأيام وهم يدعون فلا يستجيب لهم إلا قليل ,
وتكر الأعوام والباطل في قوته , وكثرة أهله ,
والمؤمنون في عدتهم القليلة وقوتهم الضئيلة .
إنها ساعات حرجة ,
والباطل ينتفش ويطغى ويبطش ويغدر .
والرسل ينتظرون الوعد فلا يتحقق لهم في هذه الأرض .
فتهجس في خواطرهم الهواجس . .
تراهم كذبوا ؟
ترى نفوسهم كذبتهم في رجاء النصر في هذه الحياة الدنيا ؟
وما يقف الرسول هذا الموقف إلا وقد بلغ الكرب والحرج والضيق فوق ما يطيقه بشر .
وما قرأت هذه الآية والآية الأخرى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ؟ . . .)
ما قرأت هذه الآية أو تلك إلا وشعرت بقشعريرة من تصور الهول الذي يبلغ بالرسول هذا المبلغ ,
ومن تصور الهول الكامن في هذه الهواجس ,
والكرب المزلزل الذي يرج نفس الرسول هذه الرجة ,
وحالته النفسية في مثل هذه اللحظات , وما يحس به من ألم لا يطاق .
في هذه اللحظة التي يستحكم فيها الكرب ,
ويأخذ فيها الضيق بمخانق الرسل ,
ولاتبقى ذرة من الطاقة المدخرة . .
في هذه اللحظة يجيء النصر كاملا حاسما فاصلا:
(جاءهم نصرنا , فنجي من نشاء , ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين). .
تلك سنة الله في الدعوات .
لا بد من الشدائد ,
ولا بد من الكروب ,
حتى لا تبقى بقية من جهد ولا بقية من طاقة .
ثم يجيء النصر
بعد اليأس من كل أسبابه الظاهرة التي يتعلق بها الناس .
يجيء النصر من عند الله ,
فينجو الذين يستحقون النجاة ,
ينجون من الهلاك الذي يأخذ المكذبين ,
وينجون من البطش والعسف الذي يسلطه عليهم المتجبرون .
ويحل بأس الله بالمجرمين ,
مدمرا ماحقا لا يقفون له ,
ولا يصده عنهم ولي ولا نصير .
ذلك كي لا يكون النصر رخيصا فتكون الدعوات هزلا .
فلو كان النصر رخيصا لقام في كل يوم دعي بدعوة لا تكلفه شيئا . أو تكلفه القليل .
ودعوات الحق لا يجوز أن تكون عبثا ولا لعبا .
فإنما هي قواعد للحياة البشرية ومناهج ,
ينبغي صيانتها وحراستها من الأدعياء .
والأدعياء لا يحتملون تكاليف الدعوة ,
لذلك يشفقون أن يدعوها ,
فإذا ادعوهاعجزوا عن حملها وطرحوها ,
وتبين الحق من الباطل على محك الشدائد التي لا يصمد لها إلا الواثقون الصادقون ;
الذين لا يتخلون عن دعوة الله ,
ولو ظنوا أن النصر لا يجيئهم في هذه الحياة !
إن الدعوة إلى الله ليست تجارة قصيرة الأجل ;
إما أن تربح ربحا معينا محددا في هذه الأرض ,
وإما أن يتخلى عنها أصحابها إلى تجارة أخرى أقرب ربحا وأيسر حصيلة !
والذي ينهض بالدعوة إلى الله في المجتمعات الجاهلية
- والمجتمعات الجاهلية هي التيتدينلغير الله بالطاعة والاتباع في أي زمان أو مكان -
يجب أن يوطن نفسه على أنه لا يقوم برحلة مريحة ,
ولا يقوم بتجارة مادية قريبة الأجل !
إنما ينبغي له أن يستيقن أنه يواجه طواغيت يملكون القوة والمال
ويملكون استخفاف الجماهير حتى ترى الأسود أبيض والأبيض أسود !
ويملكون تأليب هذه الجماهير ذاتها على أصحاب الدعوة إلى الله ,
باستثارة شهواتها وتهديدها بأن أصحاب الدعوة إلى الله يريدون حرمانها من هذه الشهوات ! . .
ويجب أن يستيقنوا أن الدعوة إلى الله كثيرة التكاليف ,
وأن الانضمام إليها في وجه المقاومة الجاهلية كثير التكاليف أيضا .
وأنه من ثم لا تنضم إليها -في أول الأمر - الجماهير المستضعفة ,
إنما تنضم إليها الصفوة المختارة في الجيل كله ,
التي تؤثر حقيقة هذا الدين على الراحة والسلامة ,
وعلى كل متاع هذه الحياة الدنيا .
وأن عدد هذه الصفوة يكون دائما قليلا جدا .
ولكن الله يفتح بينهم وبين قومهم بالحق ,
بعد جهاد يطول أو يقصر .
وعندئذ فقط تدخل الجماهير في دين الله أفواجا .
انتهى من الظلال.
رحم الله صاحب الظلال رحمة واسعة.
(إن أفكارنا وكلماتنا تظل جثثا هامدة ، حتى إذا متنا في سبيلها أو غذيناها بالدماء انتفضت حية وعاشت بين الأحياء) صاحب الظلال.
abou khaled- عدد المساهمات : 1602
تاريخ التسجيل : 28/10/2011
مواضيع مماثلة
» كيف أتقرب الى الله تعالى؟
» فضـــــــــــــــــــــائل صوم ستة من شـــــــــــــــــــــــوال ( بإذن الله تعالى )
» القدوم على الله تعالى
» التعلق بغير الله تعالى
» هل شـــــــعرت يا أخي يومــــــــــــا أن الله تعالى يعاتبـــــــــــــــك بهذه الآية
» فضـــــــــــــــــــــائل صوم ستة من شـــــــــــــــــــــــوال ( بإذن الله تعالى )
» القدوم على الله تعالى
» التعلق بغير الله تعالى
» هل شـــــــعرت يا أخي يومــــــــــــا أن الله تعالى يعاتبـــــــــــــــك بهذه الآية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى